فن الدين
أكد د. محمود خليل أن العبارة قد تبدو غريبة .. لكن من يلاحظ الطريقة التى يؤدى بها الدعاة الذين تزدحم بهم شاشات الفضائيات خلال أيام رمضان يمكن أن يتأكد من أنهم يقدمون المضمون الدينى بنفس الطريقة التى يقدم بها الفنانون المضمون الدرامى، وأن الخطاب الدينى يكاد يتحول على أيدى هؤلاء إلى مجرد «تمثيلية» أو «فيلم عربى" .. ولست أدرى كيف ضل0000000000، وأمثالهم الطريق إلى السينما، وكيف ضل عنهم مخرجوها ولم يختاروا من بينهم نجوماً وشخصيات تصلح بجدارة للتمثيل السينمائى، كما سبق واختاروا من بين نجوم الرياضة لاعبين لمعت أسماؤهم فى عالم السينما !! كيف ضل هؤلاء عن أولئك رغم أن العلاقة ما بين فنانى الدعوة الدينية وفنانى السينما والتليفزيون علاقة أساسية ووطيدة . فكل فنان فى الوسط له صديق من هؤلاء الدعاة . يشهد على ذلك تلك المجموعة من البرامج الحوارية التى استضافت - خلال الأسبوع الأول من رمضان - مجموعة من الفنانين والفنانات، أكد أكثرهم أن لهم علاقة بهذا الداعية أو ذاك. والدعاة أنفسهم لا ينكرون ذلك، ويؤكدون على أنهم يستخدمون نجومية هؤلاء الفنانين من أجل خدمة الإسلام وجذب الشبـــاب إلى الدين ! . وقد كان الأستاذ عمرو خالد ( الذى يمثل حالياً برنامجاً دينياً على قناة المحور) أول من استقبل الفنان تامر حسنى عشية خروجه من السجن نتيجة تهربه من التجنيد، وحاول إيجاد نوع من التعاون المشترك بينهما، مما يعنى أن الداعية واع تماماً بضرورة الالتحام بين دور الدين والفن ! .
الرجالة المبصبصاتية
ويؤكد خليل أن السلطة سعيدة أشد السعادة بالدور الذى يلعبه هؤلاء الدعاة «الفنانون»، بعد أن أفلحوا فى إغراق الشعب فى طوفان من الجوانب الشكلية فى الإسلام، وحكم من نظر بشهوة إلى زوجته فى نهار رمضان، وشكوى بعض السيدات من «الرجالة المبصبصاتية»، وصراخ بعض الرجال من «النسوان المستبدة»، وغير ذلك من أمور تعتمد على الدراما الإنسانية فى أعلى صورها . ومن المضحك أن تسمع أحدهم بعد ذلك يشيع أن الحكومة تمنع ظهوره على شاشات التليفزيون، وأن الآخر يقول إنه تم لفت نظره من جانب مسؤولين أمنيين لأنه تحدث ذات مرة عن أمور غير مرضية للسلطة ؟! . والمسألة هنا لا تزيد عن أن الداعية «الفنان» يريد أن يسوق لنفسه ويروج لاسمه لكى يخلق طلباً فضائياً على ما يقدمه . وهو يعلم - قبل غيره - أن الحكومة راضية عنه أشد الرضا . لقد أفلحت الحكومة بالتعاون مع هؤلاء الدعاة فى تفكيك فكر الجماعات الإسلامية وتذويب فكرة الإسلام الحركى الذى يضم الشباب فى جماعات تعادى الحكومة، وأحياناً المجتمع، ليسود ما يمكن أن نطلق عليه «إسلام الحركات» . وهكذا ضاع العقل الدينى للمصريين ما بين التطرف البغيض من ناحية، والتسطح الفكرى المخل من ناحية أخرى، إلى الحد الذى يمكن أن نقول معه أننا أصبحنا فى حاجة إلى ثورة للإصلاح الدينى، قبل الإصلاح السياسى، حتى يعود «القفا» إلى مكانه الطبيعي!