د. محمد بن سعد الشويعر
الموقف الرابع: لمن رأى الزملاء يسلمون فتأثر وبكى: إنه عبدالصمد السيرلاني الذي وقف يبكي حزناً - بعدما أسلم - على ما مضى من عمره قبل الإسلام، ويعاتب الدعاة على تأخرهم في دعوته، إذ جاء للمملكة قبل (13) عاماً، ولم يخفف من بكائه وحزنه، إلا قول أحد الدعاة: إن الإسلام يجب ما قبله وزاد فرحه عندما أخبره أحد الدعاة الآخر إن من رحمة الله ...
.....بالمسلمين أن يبدل السيئات إلى حسنات.
يقول عبدالصمد: طوال مدتي هنا، في دار الإسلام لم يسألني أحد عن ديانتي، وهذا من واجب كل مسلم تجاه دينه ومسوؤليته في الدعوة، وقد رغبني في الإسلام: مساواته بين كل المسلمين؛ فهم صف واحد في الصلاة لا فرق بين أحد منهم، ولا تمييز.
كما أعجبني ما كنت أراه في المجتمع السعودي من احتشام النساء، وارتدائهن لملابس تسترهن، وحجابهن، وغيرها من العادات التي ألحظها في المجتمع، ولما قرأت عن الإسلام وأوامره، وجدت أن تلك الأعمال الحسنة إنما هي من تعاليم الإسلام، وأوامره، والناس يحرصون على تطبيقها لأن الدين يأمر بها.
لذا اتخذت قراراً، بأن أبادر إلى الإسلام، ولا أنتظر من يدعوني إليه، فقد دعاني الله سبحانه، عندما يسر لي القدوم للمملكة ويسر لي معرفة دينه، فالحمد لله الذي جعلني من المسلمين. (ص51-53) من الكتاب.
الموقف الخامس: تأثر بحسن أخلاق أحد الدعاة، يقول: أندريه) تخصصي مصور تلفزيوني، قدمت للمملكة للعمل بإحدى القنوات لمدة ثلاث سنوات، وقد تم اختياري لتصوير أحد البرامج التي يقدمها أحد الدعاة المعروفين، فكنت غير متحمس لهذا النوع من البرامج إلا أنني أعجبت بالتزام مقدم البرنامج، بالمواعيد للتصوير، فهو يحضر قبل الموعد بنصف ساعة وبمجرد حضوره يملأ المكان بالبشاشة والود، مع ابتسامته الصافية، وتواضعه الكبير، ومداعباته لجميع العاملين.
وكنت أستغرب هذا السلوك، مقارنة بما كنت أراه من تعالي بعض نجوم الفن، والرياضة وغيرهم من ضيوف البرامج التي عملت في تصويرها داخل المملكة وخارجها.
فقد أصبح هذا الداعية صديقاً لكل العاملين في البرنامج، يسأل عمن يغيب، ويعين كل محتاج، ولم تتغير معاملته لي حتى عندما عرف أنني غير مسلم، بل دائماً يسأل عن أحوالي وأحوال عائلتي.. وحدث أن أصيب ابني بمرض خطير، استلزم بأن يخضع لجراحة خطيرة، ويتطلب إجراؤها مبلغاً كبيراً من المال، فحاولت جاهداً تدبيره من زملاء العمل، وبعض الأقارب فعجزت.. وقد رأى هذا الداعية، قبل البدء في تصوير إحدى حلقات البرنامج، في وجهي ما أعانيه من ضيق بسبب مرض ابني، وما يحتاجه علاجه من مال، فسألني برفق عما يكدرني فأخبرته بالتفاصيل، فربت على كتفي، ودعا الله أن يشفي ابني.
وبعد انتهاء التصوير دعاني بعيداً عن الجميع وأعطاني مبلغاً كبيراً من المال، وهو حريص جداً ألا يراه أحد، بل قال: لا تخبر أحداً بذلك، لكن لم ألتزم، بل أخبرت أحد العاملين بالبرنامج من أبناء بلدي، وفوجئت عندما قال لي: إن من آداب الإسلام وتعاليمه أن يكون عمل الخير خالصاً لوجه الله خالياً من الرياء والمفاخرة.
واستشهد لي بأحاديث من رسول الله، فشعرت بعظمة هذا الدين، الذي يعلّم أبناءه، مثل هذه الفضائل وأحسست أن هذا الابتلاء ربما كان منحة من الله لأعيد النظر فيما أنا فيه، وحدثت الداعية، بما يجول في خاطري، ورغبتي في اعتناق الإسلام، فسر بذلك سروراً عظيماً، فكان يقضي وقتاً طويلاً، يشرح لي الإسلام وتعاليمه، وأركانه بطريقة بسيطة ميسرة، والحمد لله فقد كان هذا الداعية، هو الذي بصرني بطريق الخير.
وقد أتم الله عليّ نعمته بإسلام زوجتي وابني بعدما شفي في اللحظة التي أعلنت فيها إسلامي، على يد هذا الداعية الذي أدين له بعد الله بهذا الفضل (ص27-30) من هذا الكتاب.
الموقف السادس: حسن خلق وتعامل ربة المنزل، دفع الخادمة للإسلام، تروي العاملة المنزلية (شاهنده) قصة إسلامها، بعد أن جاءت عند أسرة كريمة طيبة بوادي الدواسر، حيث شعرت بالدفء والحنان، والمحبة في كنف هذه الأسرة التي خففت عنها ألم الغربة، والبعد عن الأهل، تقول: كانت مهمتي رعاية طفلة صغيرة معاقة، وتعاني من عدّة أمراض، وهذا يدعوني إلى السهر بجوارها طوال الليل، فكان يغلبني النعاس غصبا عني، وأستيقظ على يد ربة المنزل، وهي تهزني برفق، وتطلب مني أن أذهب لأستريح بضع ساعات، لتجلس هي بجوار الطفلة المريضة حتى أستقيظ، وتصّر على ذلك.
وعندما يشتد الألم بالطفلة، وأشعر بالعجز عن تخفيف آلامها، فلا أملك حبس دموعي، وأتساءل: ما ذنب هذه الطفلة وأبويها، وتفوهت بمثل ذلك مرة فسمعتني أمها، وقالت إنه قضاء الله وقدره، ولا يحق لنا أن نعترض على ذلك.
وذات يوم أصبت بالحمى ولم أعد أقوى على شيء فسارعت هذه السيدة، باستدعاء طبيب، وظلت أياماً ترعاني وتداويني، ويحين موعد تناول الدواء في أوقات متأخرة من الليل، فتسارع بذلك، وأسمعها تدعو لي بالشفاء، وتأمر أبناءها بمساعدتي في العمل، وعدم إرهاقي.
ومما لاحظته في أثناء مرضي، ورغم كثرة مشاغلها، فهي حريصة على الصلاة، وعندما سألتها ابتسمت وراحت تحدثني عن الإسلام وتعاليمه، فوقع كلامها في قلبي، كما أن لحنانها وعطفها عليّ أكبر الأثر، في محبتي لهذا الدين، الذي يمنح من يدينون به: الإنسانية والرحمة.
وحدثت ربة المنزل برغبتي الانتماء لهذا الدين العظيم، وما فيه من خير، ففرحت ورافقتني إلى إحدى الداعيات التي تولّت تعريفي بالإسلام، وما يجب عليّ كمسلمة في أمور حياتي، فأعلنت إسلامي وشعرت براحة. (ص33 - 35).
الموقف السابع: صفوف اللاعبين للصلاة، تجذب المدرب للإسلام، يقول هذا المدرب حضرت للمملكة من إحدى الدول الأوروبية، مدرباً للياقة البدنية، بالرياض لأحد الأندية، وأنتمي للنصرانية، لكنني غير ملتزم، ولا عائلتي هناك، في ديانتنا وتعاليمها.
وفي أول يوم لعملي وفي أثناء التمرين سمعت صوت الأذان، ثم لاحظت اللاعبين يتوضأون، ويصطفون على أرض الملعب، خلف أحدهم في أدب وسكينة، وقد هزني هذا المشهد، كما أثّر فيّ صوت هذا اللاعب الذي يقف في المقدمة، ويقرأ كلاماً في خشوع وسكينة، فأثّر في هذا الموقف وهزّ وجداني، بدون شعور، فسألت، فإذا هي الصلاة، وأن المسلم يقف هذا الموقف خمس مرات في اليوم، وأن ما سمعت هو القرآن.
وسافرت بصحبة اللاعبين لدول غير مسلمة، وخلال رحلة الطيران، وساعات الانتظار في المطار شاهدت بعضهم يقرأ القرآن، ولا أحد يشغلهم عمّا فيه، ودفعني الفضول لقراءة هذا الكتاب، وبالفعل حصلت على نسخة مترجمة لمعانيه، أهداها إليّ أحد اللاعبين، وما أن قرأت شيئاً منه إلا وأصبحت واثقاً أنه كلام الله، وأن ما فيه: إجابات لكل الأسئلة التي ثارت في نفسي منذ رأيت اللاعبين يصلون، ولم أعد أستغرب ما أسمعه من اللاعبين وهم يحمدون الله على فوزهم في إحدى المباريات، ويرجعون ذلك إلى توفيق الله قبل كل شيء، كما أصبحت أعرف لماذا يبدأون طعامهم بالتسمية، لأنها سنّة النبي.
وبعد أقل من شهر عرفت الكثير عن الإسلام، وأصبحت أكثر قناعة، بأنه الحل الأمثل لجميع مشكلات الإنسان والإنسانية، فأسلمت بعدما عرفت عظمة الإسلام، وبعد أن أديت الصلاة لأول مرة مع اللاعبين، على أرض الملعب، وكيف احتضانهم لي على أرض الملعب، وفرحهم البالغ لأنه فرح المسلم الذي يتمنى الخير والهداية لكل البشر، إلا أنني كنت ولا أزال أكثر فرحاً، بشعور الإنسان أنه دائماً مع الله. (ص36-37) الكتاب.
هذا الكتاب الذي به (25) موقفاً دفعهم للإسلام، جدير بأن يأخذ منه كل مسلم عبرة، وأن قلب الإنسان بين أصبعين يقلّبه سبحانه حيث يشاء.. وجدير بنا أن نختتم حديثنا هذا بحالتين مختصرتين.
الأولى عن مكانة الأم في الإسلام تقول (ديانا) الفلبينية، ولها عدد كبير من الإخوة الذكور والأخوات، فكانت تشهدهم وهم يهينون أمهم التي هي أمها، فاتخذت قراراً بألا تتزوج حتى لا ينالها كما نال أمّها، حتى الأب لم يسلم من أذاهم، وجاءت للعمل بالعمل ممرضة. وذات يوم كانت تزور مريضة في بيتها، ورأت طفلة صغيرة تدخل إلى الغرفة وهي ترتدي ملابس المدرسة وتقبل هذه المريضة على جبينها، وتمسك بيدها لتطبع عليها قبلة أخرى.
وسألت عنها فإذا هي ابنة هذه المريضة، فدفعها هذا المشهد للسؤال عن الإسلام، حيث عرفت أنه يربط بين طاعة الله وطاعة الوالدين، فأسلمت وأسلم زوجها ورزقت أبناء، (ص88-89) من الكتاب.
والثانية: لعالم جيولوجي، جاء من أوروبا للعمل في إحدى شركات النفط في المنطقة الشرقية بالمملكة، وكان لا يؤمن إلا بالحقائق العلمية، وما تم اكتشافه علمياً، في باطن الأرض وأعماق البحار والمحيطات، ويناقش في هذا، ويعترض على من يؤمنون بالأمور الغيبية، ويعتقدون بوجود قوى مهيمنة على الكون، فاعترض له زميل مسلم مهندس مثله.
وجاءه بترجمة لمعاني القرآن الكريم، وبعض كتب السنة المترجمة، وطلب مني قراءتها.. مع أشرطة مسجلة.. فشعرت بإعجاز القرآن الكريم، وأنه نبّه لأمور قبل (14) قرناً من اكتشافها، فأدركت أن لهذا الكون إلهاً قادراً مهيمناً مدبراً مستحقاً للعبادة، فأسلمت لله رب العالمين (ص59- 61) منه، نسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته.