بستانك وبستانى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بستانك وبستانى

مرحبا بك يا زائر بستانك وبستانى
 
الرئيسيةgeat***أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ثقافة التعايش في ظل العولمــة

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
البستانى
راوى الزهور
البستانى


نقاط : 17600
التقيم : 11

ثقافة التعايش في ظل العولمــة Empty
مُساهمةموضوع: ثقافة التعايش في ظل العولمــة   ثقافة التعايش في ظل العولمــة I_icon_minitimeالسبت 13 يونيو - 9:44

ثقافة التعايش في ظل العولمــة
** من الحقائق المقررة أن الله -عز وجل- واحد لا شريك له، وأن خلق الله مختلفون متباينون؛ فالوحدانية للخالق، والتعددية للمخلوقين، تعددية في الأجناس والألوان والأوطان والألسنة والأديان والطبائع والأخلاق والسلوك والعادات والقيم والموازين والأفكار والتصورات والشرائع والقوانين. فالبشرية كلها أسرة كبرى، خلقها الله، ووضع لها من القوانين ما يضمن لها التعاون والتعايش، والتواصل النافع لتنمية شاملة في مناحي الحياة وكافة المجالات. وقد جعل الله تعالى من مقاصد الخلق التعارف، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات: 13). فالغاية من جعل الناس شعوبًا وقبائل ليست التناحر والخصام، إنما هي التعارف والوئام. فأما اختلاف الألسنة والألوان، واختلاف الطباع والأخلاق، واختلاف المواهب والاستعدادات، فتنوع لا يقتضي النزاع والشقاق، بل يقتضي التعاون للنهوض بجميع التكاليف والوفاء بجميع الحاجات. إذا أضفنا إلى هذا ما تميز به عالمنا من تقارب وتداخل عبر آليات الاتصال المتطورة والمتنوعة، والتي جعلت العالم كله قرية كبرى بل قرية صغرى، يتسامع فيها من في المشرق بما حدث لمن في المغرب، ويتابع فيها من بالشمال ما يجري لأهل الجنوب. وساد في ضوء هذا كله أو ظهر ما يعرف بالعولمة، وهو ما سنعرفه في صلب هذا البحث؛ فما موقفنا من العولمة؟ وهل التعايش ممكن في ظل الظروف المعاصرة؟ وما هي مجالات هذا التعايش، وأسسه، وضوابطه؟. ومن هنا كان من الواجب علينا أن نقف وقفة نجيب فيها على هذه الأسئلة المهمة والتي يضعها بين أيدينا واقعنا المعاصر بما تمخض عن وقائع وأحداث ومستجدات. واقعنا والعولمة: يتميز العصر الذي نعيشه -عصر العولمة- بسقوط الحدود الزمانية والمكانية، وتلاشي المسافات؛ حيث تحول العالم إلى قرية صغيرة أصبحت فيها العلاقات البشرية أكثر تنظيما وسرعة؛ الأمر الذي أدى إلى مزيد من التفاعل البشري، والانفتاح الثقافي، والتنازع الحضاري. كما تميز بالتطور الهائل في تكنولوجيا الانتقال والاتصال؛ حيث وصل الإنسان إلى القمر، وأرسل أجهزة إلى المريخ جمعت صورًا لسطحه، وعينات من تربته، واخترعت أدوات جديدة للتواصل بين أعداد أكبر من الناس كما في شبكة الإنترنت، والأقمار الصناعية والمحطات الفضائية التي أصبح الإنسان قادرًا عبرها على أن يرى ويسمع ما يدور في أرجاء العالم. تعريف العولمة: ولعله لم يتيسر لظاهرة حديثة من الذيوع والاهتمام ما تيسر لظاهرة العولمة.. وهذا الذيوع والاهتمام مرده إلى مؤشرات الأثر البالغ لهذه الظاهرة نفعًا وضرًا ثم لشمول هذه الظاهرة لمجالات الاقتصاد والثقافة والسياسة. العولمة ترجمة لكلمة Globalization الإنجليزية ولكلمة Mondialisatoin، ويستعاض عن كلمة العولمة أحيانًا بكلمة "الكوكبة" باعتبار أنَّ العملية خاصة بالكوكب الأرضي على أساس أنه الكوكب الآهل بالسكان والمحيط الذي تسري عليه عملية العولمة. والمعنى المستفاد بداهة من مدلول الكلمة اللغوي هو جعل المحلي عالميا أو القفز بالمعلومات أو المعارف أو السياسات أو الثقافة من نطاق ضيق محدود إلى نطاق عالمي لا محدود. كما يمكن اختصار التعريف كالآتي: (العولمة هي تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله). كذلك يرى البعض أنه للوصول إلى تعريف لمفهوم العولمة يلزم أن نضع في الاعتبار ثلاث عمليات: الأولى: انتشار المعلومات بحيث تصبح مشاعة لدى جميع الناس. الثانية: تذويب الحدود بين الدول. الثالثة:- زيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات. من المهم جدًّا في تعريفنا للعولمة أن نلاحظ الآتي: 1- العولمة ليست فوضى تتطاير فيها الأطباق والملل والنحل والأهواء حيثما اتفق لكنها تنطلق من مركز قوي قادر على الإطلاق إلى مراكز في المعمورة قابلة للاستقبال إن لم نقل قابلة للتأثر. 2- في العولمة لا تتصارع الرؤى والخيارات على قدم المساواة ثم تكتب في خاتمة المطاف الحظوة والقبول لواحد منها باعتباره المنتصر الأكثر قبولاً. وهي بذلك تختلف عن العالمية؛ حيث إن العولمة فيها إرادة الهيمنة، وبالتالي قمع وإقصاء الخصوم، أما العالمية Universalism - Universality فهي طموح إلى الارتفاع بالخصوصية إلى المستوى العالمي، العولمة احتواء العالم والعالمية انفتاح على ما هو عالمي وكوني. أسس التعايش في عصر العولمة في ظل هذه العولمة ينبغي التواضع على أسس لتعايش الثقافات تقوم على هذه المعالم: (1) المساواة العادلة بين بني البشر: فالإسلام قد ساوى بين الناس وردهم إلى أصل واحد؛ لأن ربهم واحد، وأباهم واحد. قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ.. إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ؛ لِتَعَارَفُوا..." (الحجرات: 13). وقال النبي عليه الصلاة والسلام: "يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد. كُلّكم لآدم، وآدم من تراب. إن أكرمكم عند الله أتقاكم. وليس لعربي على أعجمي، ولا أعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض، ولا أبيض على أحمر = فضلٌ.. إلا بالتقوى" (أخرجه الترمذي). ورسالة النبي الخاتم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- هي للناس كافة.. قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (الأعراف: 158). (2) احترام الاختلاف والتنوع بين الناس: حفلت الآيات القرآنية بما يدل على أن تنوع الخلق مقصود من قبل الخالق، وأن له حكمًا كثيرة، ومن ذلك قوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح، والسحاب المسخر بين السماء والأرض = لآياتٍ لقوم يعقلون} (البقرة: 164)، وقوله تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب} (آل عمران: 190)، وقوله تعالى: {ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم} (الروم: 22)، وقوله تعالى: {ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضًا سُخريًّا} (الزخرف: 32)، وقوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبًا وقبائل؛ لتعارفوا. إن أكرمكم عند الله أتقاكم} (الحجرات: 13).. إلى غيرها من الآيات الكريمة التي تجعل التنوع سنة إلهية ونعمة على المخلوقات. ولا ريب في أن التنوع ضروري لتحقيق التعارف الذي هو مقدمة للتعاون البنّاء ولتحقيق أهداف الخلق الإنسانية، وهو أدعى للتنافس في الخير لتحقيق الدفع التكاملي المطلوب بما فيه التسخير المتبادل للطاقات والتعاون اللازم. ثم إن هذا التنوع لا بد وأن يعني الاعتراف بتنوع الرؤى والمواقف والمذاهب. إن الاعتراف بالاختلاف يشعر الفرقاء بجدية الحوار، وأنه ليس استحواذًا ينكر فيه المرء على "آخَـره" حقه الطبيعي في الاختلاف، ويطلب منه أن يتماشى معه وكأنه يشترط ذلك مسبقًا لقبول التواصل معه. إن شعار التواصل يعني أن يقبل المرء "آخَـرَه" كما هو.. لا كما يتمناه أو يتصوره!. (3) توسيع دوائر المشترك الإنساني: يتحرك البشر في دوائر ثلاث تمثل دوائر المشترك الإنساني، وهي تمثل الحد الأدنى الذي يلتقي عليه أغلب البشر. وتأتي منظومة القيم الإسلامية لتوسيع مساحات تلك الدوائر الثلاث، وتمتين علاقات الناس والشعوب عليها. وهذه الدوائر الثلاث هي: أ. دائرة القيم الإنسانية: فكل الناس تبحث عن قيم العدل والسلام والإخاء الإنساني، وكل الناس تبغض وتنفر من الجور والطغيان. إن حساسية الضمير الإنساني بتقديم القيم التي يؤمن بها الناس -كل الناس- من أهم أسس المنظومة القيمية الإسلامية. وقد حاولت أمم الأرض، على مدار تاريخها الطويل، جمع ذلك التراث الإنساني المشترك في وثائق ومواثيق تلتقي عليها الأمم والحضارات. ولعل مواثيق حقوق الإنسان ومواثيق الحفاظ على كوكب الأرض والبيئة والحياة نظيفةً نقيةً من أهم المحاولات لتوظيف المشترك الإنساني. ب. دائرة المبادئ الدينية: حيث تدين كثير من شعوب الأرض بديانات تلتقي على قواسم مشتركة مثل الإيمان بالله واليوم الآخر والنبوات والمعاد والحشر، وعلى مشروعية العدل، وعلى حرمة الظلم والجور. ومما يسهل الحوار بين أتباع الأديان ذات الأصل السماوي الواحد أنها جميعًا تؤمن بنظرية الفطرة الإنسانية وتوابعها، وأنها جميعًا تؤمن بقيم مشتركة كثيرة، حتى إن المرء يكاد يلمح تطابقًا في أصول القواعد الإيمانية الرئيسية قبل أن يعتري مصادرها التحريف والتبديل. ولما كان مجال التدين هو روح الحضارات؛ فإن الحوار بين أهل التدين يفسح المجال لحوار حضاري أصيل ممتد إلى مختلف المساحات الحياتية، ويوجه الحوار الحضاري نحو مسارات أكثـرَ إنسانيـةً. ج. دائرة المصالح المتبادلة: كقضايا التجارة في المواد الأولية والمصنعة، والطاقة، وحفظ الأمن والسلم الدوليين.. وما إليها. فجزء كبير مما يحكم علاقة البشر ببعضهم هو ما يربطهم من روابط مصلحية، وما يجمع بينهم من مصالح مشتركة. وتقوم الرؤية الإسلامية على احترام تلك الروابط وتعميقها، وجعلها تسير في إطار الصالح العام للبشر جميعًا، وفي إطار تحقيق الخير المشتركة للإنسانية جميعًا. (4) الإعلاء من قيمة الحوار: الحوار إحدى القيم العليا في المنظومة الإسلامية، وهو يعد الوسيلة المثلى للتواصل بين بني آدم؛ حلاًّ للمشكلات، وتجاوزًا للعقبات، وحسمًا للقضايا؛ حيث لها تأثير مباشر على حركة الحياة تقدمًا واطرادًا إذا ما التزمها الناس أداةً من أدوات التفاهم البشري الرشيد. وحتى يكون الحوار مثمرًا.. يلزم تأصيله في عقول البشر؛ ففي عقول الناس تُبنى -كما يقال- حصون السلام! ولإنشاء قاعدة عامة للوجود الإنساني يجب على أي حوار أن يركز على أهمية القيم المشتركة التي تعطي معنىً للحياة وتقدم شكلاً ومضمونًا للهويات. وإذا كان الحوار هو مقتضى الترابط ووحدة المصير الإنساني من جهة؛ فهو البديل الموضوعي للصراع ومنطق الغاب من جهة ثانية!. وأحسب أن الحوار الجاد بين الحضارات يؤدي إلى أربع إيجابيات: الاعتراف المتبادل، اكتشاف القيم المشتركة، التعايش السلمي بينها، والتعاون في المجالات التي تخدم الإنسانية عامة. وهي ما يمكن أن نشكل بها قاعدة قيمية ينطلق منها أي تعاون مشترك في مجال بناء رؤى تلتقي عليها الأمم والحضارات. مرتكزات الحوار حتى يمكن الحديث عن حوار حضارات بالمعنى الحقيقي بعيدًا عن المصالح السياسية لقوى معينة أو دول بعينها وبعيدا كذلك عن الانسياق وراء أطروحات قد لا تعبر عن حاجات إنسانية حقيقية، وحتى يمكن تأسيس هذا الحوار على قواعد معرفية مستقيمة ينبغي التركيز على القضايا التالية: إن مفهوم الحوار في هذا السياق ينصرف إلى المعنى المتعلق بالتحاور والاختلاف حول الأفكار والقيم والمعايير والأنماط المعرفية والمنهجية وقواعد السلوك والثقافة، وإن هدف هذا الحوار هو الوصول إلى الحقيقة واعتبارها ضالة ينبغي البحث والتفتيش عنها والانصياع لها عندما توجد وتعرف. إن الاختلاف بين الحضارات سنّة من سنن الله في الكون وأنه لا ينبغي ولا يمكن أن يزال، ومن ثم لا ينبغي السعي لتذويب الفوارق والاختلافات {ولذلك خلقهم}، وإن هذا الاختلاف والتعدد والتنوّع غايته التعارف والتعايش والإفادة المتبادلة. إن لكل إنسان، ومن ثم لكل أمة وحضارة حق الاختيار وحريته، ومن ثم ينبغي أن يحرر الإنسان من القهر والإجبار أو الإكراه أو تزييف الوعي أو الغزو الفكري أو غسيل الدماغ... إلخ، ولا بد أن يؤسس الاختيار على اقتناع نابع من حرية الاختيار. إن الفواصل الحقيقية بين الحضارات تكمن في النظم المعرفية والأنساق العقائدية ورؤى العالم، وإن المنجزات المادية والنظم الإدارية هي نتيجة لذلك، وليست أساسًا له، ومن ثم ينبغي أن يتم التحاور حول الأسس والفواصل الحقيقية، وليس حول الثمرات والنتائج. إن التعاون والتعايش بين المختلفين هو وسيلة البقاء للجنس البشري، وليس التصارع والتقاتل، ومن ثم لا ينبغي النظر إلى "الآخر" على أنه عدو ينبغي قهره، وإنما على أنه إنسان مكرم ينبغي التعامل معه بصورة تحقق حريته وكرامته. إن رسالة الإسلام ليست قومية أو عنصرية أو إقليمية، ومن ثم لا ينبغي تجسيدها في قوم أو إقليم، ولكن لها تجليات متعددة ومتنوعة، فإذا نُظِر إلى الإسلام كحضارة، فينبغي ألا تنحصر في الشرق الأوسط أو العالم العربي، ولكن لا بد أن تشمل جميع الجماعات والمجتمعات الإسلامية في أي مكان وجدت. إن الإسلام لم يعرف في تاريخه مفاهيم التصادم الحضاري أو الحروب الحضارية، ولكنه اقتصر على الأبعاد العسكرية التي تقف فقط عند الجيوش، فلم يعرف تاريخ الإسلام المقاطعة الاقتصادية أو حصار المجتمعات أو تجويع الأطفال والنساء، بل على العكس كان المسلمون طوال تاريخهم يقومون بتأمين طرق التجارة الموصلة لأوربا. كذلك لم يعرف تاريخ الإسلام إبادة لحضارات أو شعوب أو ثقافات -فقد حكم الإسلام مصر ولم يُزل آثار الحضارة الفرعونية من أهرامات وتماثيل ونحوها- لكنه عرف تكييف الثقافات المختلفة والحفاظ عليها وتطعيمها بالقيم، ولذلك تجد التعدد في الملبس والمسكن والعمران صورة واضحة داخل حضارة الإسلام، لا تكاد تجد لها مثيلاً في أي حضارة أخرى. إن حوار الحضارات يعني الاعتراف بأن هناك حضارات متعددة وليست حضارة عالمية واحدة نسخت الحضارات السابقة لها. ومن ثم فلا بد من إعادة النظر في المناهج والنظريات والعلوم الناتجة عن حضارات عالمنا المعاصر، وليس فقط ما ينتج عن الحضارة العالمية المركزية -التي يزعم البعض أنها خلاصة التطور البشري ونهايته ونهاية التاريخ. وطالما أن الحضارات الأخرى لم تَزل قائمة ينبغي أن تدخل في حـوار؛ لأن هذه العلوم والمناهج والنظريات ستكون موضوعًا للتحاور، ومن ثم لا ينبغي الانطلاق من معطيات الحضارة الغربية وحدها، كقاعدة أساسية أو مُسلَّمة. مجالات الحوار بين الشرق والغرب يمكن التحاور مع الحضارة الغربية على أكثر من صعيد. أ/ الحوار الديني (الإسلامي - المسيحي): ليكن هناك حوار بين أتباع الأديان السماوية يهدف إلى عدة أمور: 1- الوقوف في وجه تيار الإلحاد والمادية الذي يعادي كل الرسالات السماوية وكذلك تيار الإباحية والانحلال الخلقي. 2- تأكيد نقاط الاتفاق بين الدينين التي أشار إليها القرآن {قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}. 3- تنقية العلاقات من رواسب الروح العدائية التي خلفتها الحروب الصليبية قديمًا والاستعمارية حديثًا. ب/ الحوار الفكري (مع المستشرقين): هذا الحوار ضروري لتصحيح الفكرة وتقريب الشقة وتنقية الأجواء وتمهيد الأرض لعلاقات أفضل ومحاولة معالجة قصور المستشرقين في فهم اللغة العربية وإزالة عقدة تفوق الإنسان الغربي والحضارة الغربية. ج/ الحوار السياسي: الحوار مع رجال السياسة وصنّاع القرار الظاهرين والمستترين أمر ضروري، والحواران السابقان يمهدان لهذا الحوار.. هذا مع علمنا أنه ما زالت عقد الحقد على الإسلام والخوف من الإسلام وأمته، تحكم عامة الساسة في الغرب لكن لا بد من كسر هذه الحواجز النفسية. (5) قيمة السلم والأمن: لا ريب في كون الأمن مطلبًا إنسانيًّا فطريًّا، يستمد جذوره من أهم غريزة وجدت في فطرة الإنسان، وهي غريزة حب الذات. وهذه الغريزة تعمل مع باقي الغرائز بشكل متناسق لتحقيق خير الإنسانية وتوازنها في سعيها لتحقيق أهدافها العليا، لكن لا يكفي وجود الدوافع الغريزية لتأمين السير المتوازن وإنما يجب توفير أجواء سلم عام حتى تأمن البشرية على سيرها وتحقيقها لأهدافها. فالأمن إذن حاجة إنسانية دائمة لا تغيّرها الظروف ولا الحوادث، وليس ظاهرة عرضية حتى يقال بأنها معلولة لوضع اجتماعي معين. ومن هنا أيضًا.. يكون من الطبيعي أن نتصور الحاجة إلى نظام شامل يكفل حماية الأمن الفردي والاجتماعي. (6) الحرية الإنسانية المسئولة: الحرية حريّتان: حرية الفرد ضمن المجتمع، وحرية المجتمع. والحريتان متلازمتان، وهما مقترنتان بالواجب: واجب الأفراد في صيانة أمتهم وحريتها، وصيانة شخصيتها وحقوقها وحيويتها.. وواجب الأمة في نمو وسعادة أفرادها. وباقتران الحرية بالواجب تنشأ حالة النظام الاجتماعي المتين الذي يعطي الجماعة قوتها المادية والنفسية. فليست هناك حرية منفكة عن مسئولية يتعزز فيها صون العقائد والرموز والمقدسات الدينية؛ الأمر الذي يسهم في سلام اجتماعي، ووئام مدني. (7) قيم المجال الاجتماعي: هذه المجموعة من أهم مجموعات القيم التي ينبغي تحصيل قدرٍ معقول من التوافق حولها فيما بين بني الإنسان؛ لأهميتها البالغة، وخطورة الآثار الناجمة عن أي خلل يصيبها. ويمكننا أن نوجز أهم محاور هذه


عدل سابقا من قبل البستانى في السبت 13 يونيو - 9:57 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://boostany.hooxs.com
البستانى
راوى الزهور
البستانى


نقاط : 17600
التقيم : 11

ثقافة التعايش في ظل العولمــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثقافة التعايش في ظل العولمــة   ثقافة التعايش في ظل العولمــة I_icon_minitimeالسبت 13 يونيو - 9:45

المجموعة القيمية فيما يلي: أ- المرأة أحد شطري النوع الإنساني، قال تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَـيْنِ الذَّكَـرَ وَالْأُنـثَى" (النجم: 45). بل إنها أحد شقي النفس الواحدة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} (النساء: 1)؛ فهي شقيقة الرجل من حيث الأصل والمنشأ والمصير، تشترك معه في عمارة الكون -كلٌّ فيما يخصه- بلا فرق بينهما في عموم الدين (في التوحيد والاعتقاد، والثواب والعقاب)، وفي عموم التشريع (في الحقوق والواجبات).. قال عز وجل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (النحل: 9)، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما النساء شقائق الرجال" (أخرجه أبو داود والترمذي). ومن هنا.. كان ميزان التكريم عند الله التقوى قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات:13)، ولا يوجد تعبير عن هذا المعنى أدق ولا أبلغ من لفظ: {بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ}، في قوله سبحانه وتعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} (آل عمران: 195)، فهما سواء في معنى الإنسانية، وفي عموم الدين والتشريع، وفي الميزان عند الله. ب- التأكيد على أن الأسرة هي الوحدة الأساسية والأولية في مؤسسات المجتمع، وأنها المصدر الوحيد لأجيال مسئولة ومنتجة، تنشأ نشأة سوية. ج- التأكيد على أن الأسرة المؤسسة على الزواج الشرعي بين الرجل والمرأة هي الوحدة الأساس في بناء المجتمعات الآمنة. د- تعزيز قيم التكافل الاجتماعي بين الشمال الغني والجنوب الفقير بما يحقق الحياة الآمنة والعيش الكريم. (8) رعاية البيئة: يعاني عالمنا المعاصر من مشكلات البيئة التي أدت إليها الثورة الصناعية، فأحدثت خللا كبيرا في مناخها، منها: قضايا الاحتباس الحراري والتلوث البيئي، وثقب الأوزون، وغيرها من الظواهر؛ الأمر الذي يستدعي توافقا وتكاتفا من أجل الاستخدام الأمثل لموارد البيئة وحسن توظيفها بما يعود بالخير والبركة على المجتمع الإنساني. (9) قيم العدل ومناصرة المستضعفين: إن قيمة العدل من القيم الإنسانية الأساسية التي جاء بها الإسلام، وجعلها من مقومات الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية. حتى جعل القرآن إقامة القسط -أي العدل- بين الناس هو هدف الرسالات السماوية كلها. يقول تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} (الحديد: 25). وليس ثمة تنويه بقيمة القسط أو العدل أعظم من أن يكون هو المقصود الأول من إرسال الله تعالى رسله، وإنزاله كتبه. فبالعدل أنزلت الكتب، وبعثت الرسل، وبالعدل قامت السماوات والأرض. والمراد بالعدل: أن يعطى كل ذي حق حقه، سواء أكان ذو الحق فردًا أم جماعة أم شيئًا من الأشياء، أم معنى من المعاني، بلا طغيان ولا إخسار، فلا يبخس حقه، ولا يجور على حق غيره. قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ . أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ . وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} (الرحمن: 7 – 9). ويتجلى العدل في واقعنا في مناصرة المستضعفين في الأرض ورد الحقوق إلى أهلها، وإنصاف الشعوب المقهورة في ظل وحدة معيار واستقامة ميزان؛ فذلك أدعى لتجفيف منابع التطرف والإرهاب؛ فالإسلام يناصر المظلومين من أي جنس ودين، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد قال عن "حلف الفضول" الذي تم في الجاهلية: "لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما أحب أن لي به حُمر النّعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت". خاتمة: إن أعظم ما نهدف إليه أن يلتقي العالم على نظام عام ينهض على قيم المساواة، والحق في الاختلاف، والعدل في الحقوق والواجبات، والاعتراف المتبادل، والاحترام للخصوصيات، والوفاء بالعهود، والعمل على تعزيز المشترك الديني والإنساني والحضاري؛ سعيا لتحقيق شراكة تفي بمتطلبات القواسم الجامعة، والسلم العام؛ لينعم الجميع بثمرات الحضارة الإنسانية سعادة ورفاهة.

* ورقة مقدمة في مؤتمر "حرية التعبير والدين.. جسورًا للتفاهم"، المقام بأستكهولم – السويد، من 16-18 إبريل 2008[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://boostany.hooxs.com
سيف الحياء
سيف الحياء
سيف الحياء


نقاط : 18289
التقيم : 13

ثقافة التعايش في ظل العولمــة Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثقافة التعايش في ظل العولمــة   ثقافة التعايش في ظل العولمــة I_icon_minitimeالسبت 13 يونيو - 10:04

شكرا لك بستانى

سلمت يداك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حسين المصري
امين البستان
حسين المصري


نقاط : 18150
التقيم : 10

ثقافة التعايش في ظل العولمــة Empty
مُساهمةموضوع: عولمه وليست عوالم   ثقافة التعايش في ظل العولمــة I_icon_minitimeالسبت 13 يونيو - 13:46

1- العولمة ليست فوضى تتطاير فيها الأطباق والملل والنحل والأهواء حيثما اتفق لكنها تنطلق من مركز قوي قادر على الإطلاق إلى مراكز في المعمورة قابلة للاستقبال إن لم نقل قابلة للتأثر. 2- في العولمة لا تتصارع الرؤى والخيارات على قدم المساواة ثم تكتب في خاتمة المطاف الحظوة والقبول لواحد منها باعتباره المنتصر الأكثر قبولاً. وهي بذلك تختلف عن العالمية؛ حيث إن العولمة فيها إرادة الهيمنة، وبالتالي قمع وإقصاء الخصوم، أما العالمية Universalism - Universality فهي طموح إلى الارتفاع بالخصوصية إلى المستوى العالمي، العولمة احتواء العالم والعالمية انفتاح على ما هو عالمي وكوني. أسس التعايش في عصر العولمة في ظل هذه العولمة ينبغي التواضع على أسس لتعايش الثقافات تقوم على هذه المعالم: (1) المساواة العادلة بين بني البشر:



ياريت منخفش من العولمه ونكون مؤثرين فيها مش متفرجين
اللي صنعوا العولمه ناس ظهرت وأصبحت بعدنا بألاف السنين
من الصح أن نفهم العولمه ولا نكتفي بعوالم شارع الهرم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ثقافة التعايش في ظل العولمــة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بستانك وبستانى :: بساتين عامه :: المواضيع العامه-
انتقل الى: