المجموعة القيمية فيما يلي: أ- المرأة أحد شطري النوع الإنساني، قال تعالى: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَـيْنِ الذَّكَـرَ وَالْأُنـثَى" (النجم: 45). بل إنها أحد شقي النفس الواحدة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} (النساء: 1)؛ فهي شقيقة الرجل من حيث الأصل والمنشأ والمصير، تشترك معه في عمارة الكون -كلٌّ فيما يخصه- بلا فرق بينهما في عموم الدين (في التوحيد والاعتقاد، والثواب والعقاب)، وفي عموم التشريع (في الحقوق والواجبات).. قال عز وجل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (النحل: 9)، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما النساء شقائق الرجال" (أخرجه أبو داود والترمذي). ومن هنا.. كان ميزان التكريم عند الله التقوى قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات:13)، ولا يوجد تعبير عن هذا المعنى أدق ولا أبلغ من لفظ: {بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ}، في قوله سبحانه وتعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} (آل عمران: 195)، فهما سواء في معنى الإنسانية، وفي عموم الدين والتشريع، وفي الميزان عند الله. ب- التأكيد على أن الأسرة هي الوحدة الأساسية والأولية في مؤسسات المجتمع، وأنها المصدر الوحيد لأجيال مسئولة ومنتجة، تنشأ نشأة سوية. ج- التأكيد على أن الأسرة المؤسسة على الزواج الشرعي بين الرجل والمرأة هي الوحدة الأساس في بناء المجتمعات الآمنة. د- تعزيز قيم التكافل الاجتماعي بين الشمال الغني والجنوب الفقير بما يحقق الحياة الآمنة والعيش الكريم. (8) رعاية البيئة: يعاني عالمنا المعاصر من مشكلات البيئة التي أدت إليها الثورة الصناعية، فأحدثت خللا كبيرا في مناخها، منها: قضايا الاحتباس الحراري والتلوث البيئي، وثقب الأوزون، وغيرها من الظواهر؛ الأمر الذي يستدعي توافقا وتكاتفا من أجل الاستخدام الأمثل لموارد البيئة وحسن توظيفها بما يعود بالخير والبركة على المجتمع الإنساني. (9) قيم العدل ومناصرة المستضعفين: إن قيمة العدل من القيم الإنسانية الأساسية التي جاء بها الإسلام، وجعلها من مقومات الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية والسياسية. حتى جعل القرآن إقامة القسط -أي العدل- بين الناس هو هدف الرسالات السماوية كلها. يقول تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} (الحديد: 25). وليس ثمة تنويه بقيمة القسط أو العدل أعظم من أن يكون هو المقصود الأول من إرسال الله تعالى رسله، وإنزاله كتبه. فبالعدل أنزلت الكتب، وبعثت الرسل، وبالعدل قامت السماوات والأرض. والمراد بالعدل: أن يعطى كل ذي حق حقه، سواء أكان ذو الحق فردًا أم جماعة أم شيئًا من الأشياء، أم معنى من المعاني، بلا طغيان ولا إخسار، فلا يبخس حقه، ولا يجور على حق غيره. قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ . أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ . وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} (الرحمن: 7 – 9). ويتجلى العدل في واقعنا في مناصرة المستضعفين في الأرض ورد الحقوق إلى أهلها، وإنصاف الشعوب المقهورة في ظل وحدة معيار واستقامة ميزان؛ فذلك أدعى لتجفيف منابع التطرف والإرهاب؛ فالإسلام يناصر المظلومين من أي جنس ودين، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد قال عن "حلف الفضول" الذي تم في الجاهلية: "لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفًا ما أحب أن لي به حُمر النّعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت". خاتمة: إن أعظم ما نهدف إليه أن يلتقي العالم على نظام عام ينهض على قيم المساواة، والحق في الاختلاف، والعدل في الحقوق والواجبات، والاعتراف المتبادل، والاحترام للخصوصيات، والوفاء بالعهود، والعمل على تعزيز المشترك الديني والإنساني والحضاري؛ سعيا لتحقيق شراكة تفي بمتطلبات القواسم الجامعة، والسلم العام؛ لينعم الجميع بثمرات الحضارة الإنسانية سعادة ورفاهة.
* ورقة مقدمة في مؤتمر "حرية التعبير والدين.. جسورًا للتفاهم"، المقام بأستكهولم – السويد، من 16-18 إبريل 2008[/size]