قال تعالى : ( ألا إنّ أولياء اللّه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 62 ) الّذين آمنوا وكانوا يتّقون ( 63 ) لهم البشرى في الحياة الدّنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات اللّه ذلك هو الفوز العظيم ( 64 ) ):
(لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الأخرة). البشرى تعني البشارة في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
والبشارة في الحياة الدنيا أنواع:
فمنها: الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له يعني يرى في المنام مايسره أو يرى له أحد من أهل الصلاح مايسره مثل أن يرى أنه يبشّر بالجنة أو يرى أحد من الناس أنه في الجنة أو ماأشبه ذلك أو يرى على هيئة صالحة المهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرؤيا الصالحة يراها أو ترى له: "تلك عاجل بشرى المؤمن".
ومنها: أن الإنسان يسرّّ بالطاعة ويفرح بها وتكون قرة عينه فإن هذا يدل على أنه من أولياء الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن" فإذا رأيت من نفسك أن صدرك ينشرح بالطاعة وأنه يضيق بالمعصية فهذه بشرى لك أنك من عباد الله المؤمنين ومن أوليائه المتقين ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وجعلت قرة عيني في الصلاة".
ومن ذلك أيضا أن أهل الخير يثنون عليه ويحبونه ويذكرونه بالخير فإذا رأيت أهل الخير يحبونك ويثنون عليك بالخير فهذه بشرى للإنسان أنه يثنى عليه من أهل الخير ولا عبرة بثناء أهل الشر ولاقدحهم لأنهم لاميزان لهم ولاتقبل شهادتهم عند الله لكن أهل الخير إذا رأيت أنهم يثنون عليك وأنهم يذكرونك بالخير ويقربون منك ويتجهون إليك فاعلم أن هذه بشرى من الله لك.
ومن البشرى في الحياة الدنيا: مايبشّر به العبد عند فراق الدنيا حيث تتنزل عليه الملائكة (ألا تخافوا ولاتحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. نحن أوليآؤكم في الحياة الدنيا وفي الأخرة ولكم فيها ماتشتهي أنفسكم ولكم فيها ماتدّعون. نزلا من غفور رحيم) [فصلت:30-32].
ومن البشارة أيضا: أن الإنسان يبشّر عند موته بشارة أخرى فيقال لنفسه: اخرجي أيتها النفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب اخرجي إلى رحمة من الله ورضوان فتفرح وتسر.
ومن ذلك أيضا: البشارة في القبر فإن الإنسان إذا سئل عن ربه ودينه ونبيه وأجاب بالحق نادى مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا من الجنة.
ومنها أيضا: البشارة يوم الحشر تتلقاهم الملائكة (هذا يومكم الذي كنتم توعدون) [الأنبياء:103]. و (أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون).
فالحاصل أن أولياء الله لهم البشارة في الحياة الدنيا وفي الآخرة نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.
من كتاب: (شرح رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين) للشيخ بن عثيمين - رحمه الله -
دعاء أدعو الله عز وجل بكل اسم هو له أن يجعلنا من تتلقاهم الملائكه يوم الحشر وتقول لهم ( هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) (أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون).